حل حزب العمال الكردستاني وتشويه الحقائق - خيري باران

حل حزب العمال الكردستاني وتشويه الحقائق - خيري باران
السبت 17 مايو, 2025   06:10

بناءً على نداء السلام والمجتمع الديمقراطي التاريخي الذي وجّهه القائد عبد الله أوجلان، عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره الطارئ الثاني عشر، أي الأخير، في الفترة ما بين 5 و7 أيار الجاري، ليتم الإعلان عن قرارات المؤتمر في الـ 12 من الشهر ذاته، وتقرّر خلال المؤتمر حل حزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح، وبذلك انتهت الأنشطة المستمرة باسم حزب العمال الكردستاني منذ 47 عاماً.

ولا شكّ أنّ قرارات المؤتمر تعني بداية مرحلة جديدة ونضال جديد لكردستان وتركيا والشرق الأوسط، وكما كان لتأسيس حزب العمال الكردستاني تأثير كبير على كل المستويات في المنطقة، فإنّ حلّه سيكون له تأثير كبير مماثل على التطورات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية في عموم المنطقة، وفي هذا الصدد، اتّخذ القائد عبد الله أوجلان وحزب العمال الكردستاني خطوات تاريخية وقاموا بمسؤوليتهم التاريخية.

لكن الأهم هو كيف ستتقدم هذه العملية من الآن فصاعداً، والأكثر أهمية بالنسبة للشعب الكردي هو كيف سيكون رد الدولة التركية وما هي الخطوات التي ستتخذها؛ لأنّ الجميع يقولون: "لقد قام القائد عبد الله أوجلان وحزب العمال الكردستاني بدورهما، والآن جاء دور الدولة"، فإذا كانت الدولة التركية وحكومة حزب العدالة والتنمية تريدان السلام والديمقراطية في تركيا وحل القضية الكردية حقاً، يجب عليهما تحمل مسؤولياتهما، ولتحقيق ذلك لا بدّ من اتّخاذ الخطوات اللازمة في الجوانب السياسية والقانونية والقضائية.

ولكن عندما ينظر المرء إلى خطابات ومواقف وتصريحات المسؤولين والسلطات التركية، يجد أنّها لا تتوافق مع روح هذه العملية ومدى جديتها، إنهم ينظرون للمشكلة التي استمرت قرناً من الزمان والتي دفعت بتركيا نحو الهاوية على أنّها قضية بسيطة وسهلة، رغم أنّهم يتحدّثون بأنفسهم عن التأثير والأضرار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للحرب التي استمرت 41 عاماً، لم تربح تركيا شيئاً في هذه الحرب، باستثناء مجموعة من تجار الحرب الذين كانوا يسعون وراء الثروة، بل على العكس من ذلك، خسرت وسقطت تحت سيطرة القوى الأجنبية.

ولكن من الواضح أنّ الجانبين السياسي والإعلامي يسعيان إلى تحريف وتشويه الحقيقة، وكما يقول المثل "تركوا البذرة ولحقوا القشرة"، ولم تكن هذه الحرب التي استمرت 41 عاماً، والنضال الذي دام 52 عاماً، بلا سبب بالطبع، بل كانت لها أسباب عديدة عميقة الجذور، تعود إلى قرون مضت، وحتى قبل ذلك، إذ يمكن إرجاعها إلى معاهدة قصر شيرين.

وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات بشأن كردستان حتى الآن، كل هذه الاتفاقيات كانت ضدّ وجود وهوية ومصالح الشعب الكردي، لقد أرست القوى الدولية، من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية، الأساس لمشكلات عميقة للشعب الكردي والمنطقة من خلال هذه الاتفاقيات، ومن بين هذه المعاهدات، وأهمها واللتان لهما مكانة خاصة في تاريخ كردستان؛ معاهدة قصر شيرين ومعاهدة لوزان، معاهدة قصر شيرين هي تقسيم كردستان إلى قسمين، في حين أنّ معاهدة لوزان هي تقسيم كردستان إلى أربعة أقسام.

والآن نرى أنّه في ظل هذه العملية التاريخية، يسعى العديد من الأشخاص، وخاصة وسائل الإعلام التابعة لحزب العدالة والتنمية، إلى تشويه التاريخ، وجاء في ختام المؤتمر الأخير لحزب العمال الكردستاني: "لقد ظهر حزب العمال الكردستاني على مسرح التاريخ كحركة حرية ضدّ سياسة إنكار الوجود الكردي والإبادة، والتي تعود أصولها إلى معاهدة لوزان ودستور عام 1924".

ما يقال في هذه الجملة واضح وليس هناك ما هو غير مفهوم، لكن هؤلاء الأفراد والأوساط العنصرية والمتعصبة والفاشية وأعداء الشعب الكردي، يثرثرون بهذه العبارة ويحاولون تشويه الحقيقة بخطابهم الفاشي، لقد تخلّى القائد عبد الله أوجلان عن نموذج الدولة القومية منذ عام 1999 ويريد حل القضية الكردية بالطرق الديمقراطية، لكن يبدو أن هذه التوجهات التي تسعى إلى تشويه الحقيقة ومحاولة منع السلام والديمقراطية في تركيا تستند إلى عقلية وسياسات حكومة حزب العدالة والتنمية.