تفاقم أزمة المياه في قامشلو
تعاني أحياء مدينة قامشلو من أزمة مياه تتكرر كل صيف، ما يضطر الأهالي لشراء المياه عبر الصهاريج بأسعار مرتفعة، وسط مخاوف صحية بشأن جودة المياه المتاحة.
مع بداية كل صيف، تعاني أحياء متعددة في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا من أزمة مياه متكررة، حيث تزداد الانقطاعات الطويلة، ما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية.
وكانت بلدية الشعب قد أعادت سبب الأزمة الحالية، إلى انهيار أبراج الكهرباء بسبب عاصفة غبارية، ما أدى إلى انقطاع الخط السادس المغذي لمحطات الكهرباء في مقاطعة الجزيرة.
وتتأثر أحياء واسعة من المدينة بالانقطاع، بما فيها أجزاء من شارع منير حبيب والكورنيش وحيّ الموظفين ونهاية شارع القوتلي والحي الغربي، لتعود المشكلة إلى الواجهة للمرة الثانية خلال شهر.
وأعربت البلدية عن اعتذارها للأهالي، معترفة بوجود قصور في أدائها، وأرجعت السبب الرئيس لانقطاع المياه، إلى توقف عدة آبار جراء الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، نتيجة سياسة التقنين المفروضة على المحطة.
وفي ظل شحّ المياه وارتفاع درجات الحرارة، يضطر السكان إلى شراء المياه من الصهاريج المتنقلة، ما يزيد من الأعباء المالية ويُهدد بانتشار الأمراض بسبب عدم ضمان جودة المياه المتداولة.
إلى جانب ذلك يستغل بعض أصحاب الصهاريج أزمة المياه في المدينة لرفع أسعار التعبئة.
ويضطر الأهالي لدفع ما بين 50 إلى 100 ألف ليرة سورية لتعبئة خزان منزلي سعته 5 براميل، اعتماداً على مصادر غير مضمونة من المناهل الموسمية على الحزام الجنوبي للمدينة.
وفي نهاية شارع القوتلي، يعاني الأهالي من انقطاع المياه المستمر منذ 6 سنوات، يقول المواطن بسمان دهام المخلف (65 عاماً): "لا تأتينا المياه سوى ساعة واحدة يومياً، بينما تضطر الأسر لشراء المياه من الصهاريج بأسعار خيالية تصل إلى 100 ألف ليرة للخزان الواحد".
وأضاف المخلف بمرارة: "هذه الأسعار تفوق قدرة المواطن البسيط، كما أن المياه غير المعالجة تسبب أمراضاً خطيرة، خاصة الإسهال بين الأطفال".
ودعا البلدية إلى تحمّل مسؤوليتها وتأمين مصدر مائي آمن بدلاً من إجبار السكان على التعامل مع الصهاريج.
وفي حي الموظفين (شدوان)، يعيد التاريخ نفسه كل صيف، حيث يضطر الأهالي لشراء المياه وملء خزاناتهم من الصهاريج المتنقلة بحسب محمد محمد (45 عاماً).
يقول محمد: "المشكلة تتكرر سنوياً، لكنها ازدادت حدّة في العامين الأخيرين"، المشهد اليومي للأهالي لشراء المياه أصبح جزءاً من معاناتهم اليومية في مواجهة أزمة تتفاقم دون حلول جذرية".
ولم تتدفق المياه في شبكات هذا الحي، منذ 25 يوماً، وفق شهادات أهله، بينما يتدفق بشكل طبيعي في الحي المجاور الذي لا يفصله سوى أمتار قليلة، في مفارقة تزيد من إحباط السكان.
يروي محمد محمد (45 عاماً) محاولاته اليائسة لفهم الأسباب: "عندما نسأل في دائرة المياه، نسمع تفسيرات متناقضة - بين من يقولون إن المشكلة في وجود صمام مغلق، وآخرين يقولون إن الشبكة في الحي عنكبوتية وبحاجة إلى عملية ضخ قوية، والحل يكمن في ضخ محطة الهلالية والعويجة معاً حتى تصل المياه إلى حيّنا".
ويضيف محمد بغضب: "حتى المياه التي نشتريها من الصهاريج غير صالحة للاستخدام، فقد تشاجرت اليوم مع أحد الباعة بسبب الرائحة الكريهة المنبعثة منها، لكننا مضطرون لشرائها على الرغم من معرفتنا بمخاطرها الصحية".
وطالب بحلّ عاجل: "نريد توزيعاً عادلاً للمياه مثل باقي الأحياء، بضخ منتظم من محطتي الهلالية والعويجة كل أربعة أيام".
وتعتمد مدينة قامشلو على ثلاث محطات رئيسة، محطة الهلالية (52 بئراً بإنتاجية 40-75 م³/ساعة) ومحطة العويجة (16 بئراً) ومحطة جقجق (6 آبار)، إذ يتم ضخ المياه إلى المدينة بالتناوب بين القسمين الشرقي والغربي كل 24 ساعة، بالإضافة إلى خط سد سفان القادم من ديرك الذي يبلغ طول شبكة التوزيع فيه 474 كم، وتغطي المدينة كاملة.
ومع استمرار الأزمة، يطالب السكان الجهات المعنية بحلول تضمن توفير المياه بشكل عادل ومنتظم؛ من صيانة شاملة للشبكات القديمة وتحسين نظام التوزيع، وزيادة ساعات الضخ من المحطات الرئيسة، ومراقبة جودة المياه الموزعة، وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، في فصل الصيف وازدياد الطلب على المياه.
وتبقى المعاناة اليومية للأهالي، الذين يجبرون على دفع مبالغ طائلة مقابل مياه غير آمنة، في أزمة أصبحت تتكرر سنوياً، بوتيرة متصاعدة، دون حلول.
(ل م)
ANHA