قراءة مكثفة لمجلدات القائد لمواجهة التحديات وصياغة رؤية جديدة

في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، تدور نقاشات معمّقة حول المجلد الخامس من مؤلفات القائد عبد الله أوجلان، المعنون "القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية"، حيث يتناول المشاركون نقد الحداثة الرأسمالية وتأثيرها على البنى المجتمعية والمبادئ الأخلاقية. 

النقاشات تدور منذ 15 أيار، حيث انطلقت جلسات قراءة مكثفة يومية تجمع أعضاء المجالس المحلية والكومينات والمؤسسات المدنية والأحزاب السياسية، في خطوة تهدف إلى استيعاب الطروحات الفكرية الواردة في هذا المجلد.

تُقام جلسات القراءة في ثلاثة مراكز رئيسة وهي: مجلس الشهيد جنكيز في حي الأشرفية، مجلس الشهيد روبار قامشلو في القسم الغربي من حي الشيخ مقصود، ومجلس الشهيد كلهات في قسمه الشرقي. وعلى مدى خمس ساعات يومياً،

حيث يقرأ المشاركون فقرات من المجلد ويتبعونها بنقاشات معمّقة تستند إلى تحليل الواقع المعيشي من منظور نقدي. ويرى المتحاورون أن الحداثة الرأسمالية لعبت دوراً جوهرياً في زعزعة التقاليد المجتمعية وفرض سيطرة فعّالة تُسهم في تفكك البنية المجتمعية.

دور المرأة في مواجهة الحداثة الرأسمالية

واحتلت المرأة محوراً رئيساً في النقاشات، حيث ذكر المشاركون أن الحداثة الرأسمالية اختزلت دورها وحوّلتها إلى مجرد سلعة، بعدما كانت رمزاً للحياة والإنتاج في المجتمعات الطبيعية. وأكدوا أن تأسيس أمة ديمقراطية متوازنة يستدعي نضالاً فكرياً وسياسياً يتجاوز المفاهيم النمطية التي فرضتها الرأسمالية، مشددين على أهمية التصدي لمحاولات التهميش وإعادة الاعتبار لدور المرأة الفاعل في بناء المجتمعات.

كما تناولت النقاشات العلاقة بين الدولة القومية والاقتصاد، مشيرين إلى أن الدولة القومية أصبحت أداة بيد الحداثة الرأسمالية للهيمنة على الحياة الاقتصادية وتجريد المجتمعات من قدرتها على تقرير مصيرها. ويؤكد المشاركون أن هذه العلاقة تُعد أحد العوامل الأساسية التي تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية، مما يتطلب تفكيك هذه المنظومة وبناء اقتصاد مجتمعي أكثر استقلالية.

القراءة لفهم الواقع وتجاوز الأزمات

يقول إبراهيم ريحاني، أحد المشاركين في جلسة القراءة بمجلس الشهيد كلهات، إن الهدف من هذه الجلسات لا يقتصر على الاطلاع النظري، بل يهدف إلى فهم تعقيدات الواقع وإيجاد حلول قائمة على الوعي الجماعي والفكر الحر. مشيراً إلى أن الأفكار الواردة في المجلد تحتوي على تحليلات عميقة، وإن بدت معقدة، إلا أنها تعكس قضايا جوهرية متجذرة في التاريخ الإنساني.

أما عيسى مصطفى، إداري مكتب التدريب في الشيخ مقصود والأشرفية، فيؤكد أن القراءة الجماعية لمرافعات القائد عبد الله أوجلان تُعد جزءاً من عمليات التدريب والتنظيم، بهدف تعزيز القيم التي تحفظ كرامة الأفراد وتحمي المجتمعات من التفكك. ويرى أن المجلد يقدم معالجات جوهرية للقضية الكردية، مشدداً على أهمية إدراك الأبعاد التاريخية والثقافية لهذا النضال في مواجهة محاولات الإبادة الثقافية.

تُشكل هذه النقاشات الفكرية جزءاً من حراك اجتماعي أوسع يسعى إلى بناء مجتمع سياسي أخلاقي قادر على مواجهة تحديات العصر، مستنداً إلى مشروع الأمة الديمقراطية كبديل شامل للأنظمة المركزية وللقيم التي فرضتها الحداثة الرأسمالية. ومن خلال هذه الجلسات، يطمح المشاركون إلى صياغة رؤية جديدة تُعزز استقلالية المجتمعات وترسخ قيم العدالة والحرية.

(ك و)

ANHA