دراسة تحذر: المناخ يهدد الأمن الغذائي العالمي

تحذر دراسة علمية جديدة من أن تغيّر المناخ بات يهدد إنتاج المحاصيل الزراعية الأساسية حول العالم، بما في ذلك في الدول الزراعية الغنية مثل الولايات المتحدة، وتُظهر الدراسة أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى تراجع القدرة الإنتاجية الغذائية بمعدلات خطيرة، ما يضع الأمن الغذائي العالمي أمام اختبار حقيقي تتعاظم مخاطره في العقود المقبلة.

دراسة تحذر: المناخ يهدد الأمن الغذائي العالمي
الجمعة 20 حزيران, 2025   20:16
مركز الأخبار

كشفت دراسة علمية جديدة نُشرت في مجلة Nature أن تغيّر المناخ بات يشكل تهديداً وجودياً لإنتاج المحاصيل الزراعية الأساسية حول العالم، حتى في الدول الزراعية الغنية مثل الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن التكيّف الزراعي وحده لن يكون كافياً لمجاراة آثار الاحترار العالمي.

وتُعد الدراسة، التي أنجزها فريق دولي من الباحثين بقيادة البروفيسور سولومون شيانغ من جامعة ستانفورد، الأولى من نوعها التي تُدخل في حساباتها إجراءات التكيّف الواقعية التي يتخذها المزارعون فعلياً في أنحاء العالم، وليس فقط السيناريوهات النظرية، ما يمنحها قدراً كبيراً من المصداقية والواقعية.

ووفق نتائج الدراسة، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجة مئوية واحدة يؤدي إلى تراجع القدرة الإنتاجية الغذائية العالمية بمعدل 120 سعرة حرارية يومياً لكل فرد، أي ما يعادل وجبة إفطار كاملة. وفي حال ارتفعت درجات الحرارة ثلاث درجات مئوية، فإن سكان الكوكب سيخسرون ما يعادل تلك الوجبة يومياً، ما يُنذر بأزمة غذاء عالمية غير مسبوقة.

الدراسة التي حللت بيانات أكثر من 12,600 منطقة زراعية في 54 دولة، شملت ستة محاصيل أساسية هي: الذرة، القمح، الأرز، فول الصويا، الكسافا، والذرة الرفيعة. وخلص الباحثون إلى أن معظم هذه المحاصيل ستتراجع إنتاجيتها على مستوى العالم، باستثناء الأرز الذي قد يحقق مكاسب في بعض المناطق، وإن ظلت محدودة.

وبينما تُظهر مناطق العالم الحارة والأقل دخلاً مؤشرات مبكرة على التكيّف مع تغير المناخ الزراعي، فإن ما يُعرف بـ"سلال الخبز العالمية"، خصوصاً في الدول ذات المناخ المعتدل والاقتصادات القوية، تبدو أكثر عرضة للخطر في المستقبل، ما يعكس مفارقة لافتة بين القدرات المالية والإجراءات الفعلية المتخذة على الأرض.

وتوقعت الدراسة أنه بحلول عام 2100، وفي ظل سيناريو انبعاثات معتدل (RCP 4.5)، ستنخفض إنتاجية الذرة بنسبة 12%، والقمح بنسبة 13.5%، وفول الصويا بنسبة 22.4%، حتى مع وجود بعض التكيّف وارتفاع الدخل. أما بحلول عام 2050، فمن المتوقع أن تؤدي التغيرات المناخية إلى انخفاض متوسط في غلال المحاصيل بنسبة 8% عالمياً، بغض النظر عن وتيرة خفض الانبعاثات.

وفي الولايات المتحدة، أكبر منتج زراعي عالمي، تشير التقديرات إلى احتمال تراجع إنتاج الذرة والقمح بنسبة تصل إلى 25% في بعض المناطق، حتى في ظل سيناريو معتدل، وهو ما قد يتفاقم في حال استمرار الانبعاثات على مسارها الحالي.

وتنبه الدراسة إلى أن نماذج المحاكاة السابقة بالغت في تقدير قدرة الإنسان على التكيف مع الواقع المناخي الجديد، وتجاهلت العوائق الحقيقية مثل الفقر، وفشل الأسواق، والأخطاء البشرية، وصعوبة تغيير السلوك الزراعي بوتيرة سريعة. وفي هذا السياق، يؤكد الباحثون أن الاعتماد على التكيّف وحده دون خفض جذري للانبعاثات لن يكون كافياً لتفادي انهيار سلاسل الإمداد الغذائي.

وتخلص الدراسة إلى أن الانتقال إلى عالم أكثر حرارة قد يجعل من التأقلم ضرورة لا خياراً، لكنه لن يكون حلاً سحرياً. فالموارد والتقنيات وحدها لا تضمن النجاح ما لم تُقابل بإرادة سياسية وتعاون دولي حقيقي لمواجهة أزمة غذاء باتت ملامحها أكثر وضوحاً يوماً بعد يوم.

(م ش)