فعاليات "لن تستطيعوا حجب شمسنا" خلقت نهجاً جديداً للمقاومة
إذا كان النضال من أجل حرية كردستان اليوم يحقق مقاومة تاريخية متصاعدة، فالمؤكد أن هذا الأمر تحقق بفضل أولئك الذين رفعوا شعار "لن تستطيعوا حجب شمسنا".

23 عاماً مرت على المؤامرة الدولية ضد الشعب الكردي والقائد عبد الله أوجلان. ومع بداية المؤامرة بدأت الاحتجاجات تحت شعار "لن تستطيعوا حجب شمسنا"؛ ففي ليلة 9 تشرين الأول عام 1998 أشعل محمد خالد أورال النار بجسده في سجن مرعش. وتحولت الفعالية تدريجياً إلى حلقة نار حول القائد عبد الله أوجلان.
انتشرت هذه الفعاليات فيما بعد في جميع المناطق التي يعيش فيها الكرد تقريباً. وانتشر صداها في العالم، وبشكل خاص في كردستان من خلال انتفاضات مليونية.
الفعاليات بدأت في الـ 9 من شهر تشرين الأول عام 1998، مع خروج القائد أوجلان من سوريا، واستمرت خلال فترة أسره في كينيا.
الالتفاف حول القائد آبو
لم يتوقع المتآمرون أن يقف ملايين الناس ويردّوا على المؤامرة التي حدثت كهجمة دولية ضد الشعب الكردي ومستقبلهم الحر. لكن النضال الذي تصاعد في أجزاء كردستان الأربعة أدان المؤامرة منذ البداية وأفشلها أيضاً.
لأول مرة في التاريخ، أظهر الكرد موقفاً وطنياً لا مثيل له على مستوى العالم، والتفوا حول أحد قادتهم. امتدت جبهة المقاومة من السجون إلى الميادين إلى الجبال، وتصاعدت يوماً بعد يوم. وكانت جميع أقنعة المتآمرين تتساقط في مواجهة هذا النضال.
النضال دخل مرحلة جديدة
دخل النضال من أجل حرية كردستان مرحلة جديدة. الشعب الكردي الذي ضحّى بجسده من أجل قيادته، أفشل المؤامرة منذ البداية عبر نضاله من أجل الحرية. لقد كان المتآمرون يأملون في القضاء على جذوة النضال إلى الأبد مع أسر القائد عبد الله أوجلان، لكن النضال دخل مرحلة جديدة. لأن النموذج الديمقراطي والبيئي وتحرير المرأة الذي طرحه القائد أوجلان، لم يسهم فقط في دخول نضال حرية الشعب الكردي إلى مرحلة جديدة؛ بل أسهم أيضاً في الوقت نفسه، في تمهيد الطريق أمام النضال الاشتراكي والديمقراطي في جميع أنحاء العالم. وكانت رداً تاريخياً قوياً ضد المؤامرة الدولية لقوى الحداثة الرأسمالية".
القائد أوجلان يحلل المؤامرة
القائد عبدالله أوجلان الذي كان يحتجز في الحبس الانفرادي في إمرالي، بدأ بتحليل مؤامرة 9 تشرين الأول من جوانبها الراهنة والتاريخية.
يقول القائد أوجلان: "من الواضح أنه ما لم أتمكن من تحليل نظام السحر الذي يقف خلف السيدة السبعينية التي تمثل المجلس الأوروبي، والتي استقبلتني في سجن إمرالي، وأقصد به الحداثة الرأسمالية، فلن أتمكن من تحديد مصيري بشكل صحيح".
وأشار أوجلان في مرافعاته إلى دور دول مثل سوريا واليونان وتركيا، ويقول في ذلك: "دور الحكومات السورية واليونانية والتركية في المؤامرة لا يتجاوز مستوى الخدمات البيروقراطية الثانوية. وأثناء التحقيق قلت للسلطات التركية (أي ممثلي المؤسسات الأربع الرئيسة؛ الاستخبارات العسكرية والميت والمديرية العامة للأمن واستخبارات الجندرمة)، إنه من غير المجدي بالنسبة لهم أن يكونوا سعداء باعتقالي. هذه ليست طريقة شجاعة أن يتم استغلال علاقة ودية من أجل الرمي بي على متن الطائرة بمؤامرة غير مسبوقة. هذا في الواقع مثال صارخ للغاية لما تبدو عليه الحداثة والليبرالية الرأسمالية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة.
مرحلة النضال والاحتجاجات متواصلة
أسست فعاليات "لن تستطيعوا حجب شمسنا" ومنذ أول يوم لها، نهجاً جديداً من النضال ضد الهيمنة الرأسمالية. اليوم، يستمر هذا النهج من النضال ضد الإبادة الجماعية والاستغلال والتآمر بلا هوادة في جبال كردستان.
أعلنت حركة الحرية الكردية والشعب الكردي يوم 9 تشرين الأول 1998 يوماً مظلماً، وأطلقوا نشاطات متواصلة من أجل إيصال أصواتهم إلى جميع أنحاء العالم.
احتجاجات "لن تتمكنوا من حجب شمسنا"
محمد خالد أورال
محمد خالد أورال، تابع عن كثب مرحلة المؤامرة التي بدأت في تشرين الأول 1998. عقد اجتماعاً مع رفاقه المعتقلين في السجن بتاريخ 8 تشرين الأول وقال: "هناك هجوم شامل للغاية على قائدنا، يجب القيام بشيء ما، أنا حريص للغاية، يجب القيام بشيء ما بالتأكيد، ولكن ما هو؟". وأطلقوا عمليتهم في الليلة نفسها تماماً.
أورال، ترك رسالة قبل استشهاده. كان يخاطب في رسالته القائد عبد الله أوجلان، وقال فيها: "غضبي وكراهيتي وانتقامي عظيم جداً. لكن في السجن لا أستطيع القيام بذلك ضد العدو. من خلال هذه العملية أريد أن أظهر مرة أخرى ولائي لك. وبهذا العملية أريد أن أظهر كرهي وغضبي وحقدي على العدو. ومرة أخرى أريد الانتقام. لم أحصل على شرف اللقاء بك ورؤيتك، لكنني أشعر بك دائماً في قلبي. طبعاً عمليتي لن تجبر الدولة التركية على اتخاذ أي خطوة. ولكن سيرون أن الشعب الكردي سوف يحول العالم إلى سجن بالنسبة لهم، إذا ما حصل لكم أي مكروه صغير. فإذا كان لنا أي اعتبار أو اسم في العالم، فإن هذا كله تحقق بفضل جهودكم ومساعيكم".
في الفترة التي وصل فيها القائد عبد الله أوجلان إلى روما بشكل خاص، لم يقتصر الأمر على كوادر حزب العمال الكردستاني والسجناء فحسب، بل قام أيضاً الشباب الكرد والنساء وكبار السن بإحراق أجسادهم. واستشهد في تلك الفترة كل من أردال جكمه في الـ 13 من شهر تشرين الثاني 1988 في سجن ميردين، وكذلك جميل أوزلب الذي استشهد أحد أبنائه بين صفوف الكريلا في 27 تشرين الثاني عام 1989، وخديجة فالاي (55 عاماً)، كانوا من بين الوطنيين الذين نفذوا العمليات الفدائية واستشهدوا على إثرها.
ترك كل شهيد وراءه كلمات وشعارات ورسائل تحولت فيما بعد إلى ميراث نضالي. استشهد محمد أيدين في سجن جانقلا في 13 تشرين الثاني 1998، ووجّه خطاباً إلى القائد عبد الله أوجلان قال فيه: "منذ 9 تشرين الأول، كنت أتساءل ما الذي تعنيه اللحظة التي نعيشها بدون آبو وبدون حزب العمال الكردستاني؟ النتائج التي توصلت إليها سيئة للغاية. ولأن قوى الظلام تعرف ذلك جيداً فإنهم يضعونكم في الحصار. أنت سبب وحدتنا، سبب وجودنا، وهذا هو سبب كل الهجمات".
رمزي أكوس (جيهات) وأحمد يلدريم (تايهان) أشعلا النار في جسديهما أمام مبنى البرلمان الروسي في موسكو، في ليلة 17 تشرين الثاني 1998. وبثّت فعالية الشابين على قنوات تلفزيونية حول العالم.
سلامت منتش – أينور آرتان
سلامت منتش وأينور أرتان أشعلا النار في جسديهما ليلة 23 تشرين الأول 1998 في سجن مديات. استشهدت سلامت منتش في السجن، واستشهدت أينور أرتان في مستشفى جامعة دجلة. تركت سلامت وأينور رسالة كتب فيها: "الوفاء للقيادة ممكن من خلال فهم الذات وبناء الذات. حماية القيادة ممكنة من خلال أن تكون صوتاً واحداً وجسداً واحداً. حماية القيادة ممكنة من خلال الوصول إلى نار الحرية".
الأم خديجة
الأم خديجة التي كانت تبلغ من العمر (55 عاماً)، انضمت إلى حلقة النار التي التفت حول القائد عبد الله أوجلان عام 1998، وذلك في منزلها الواقع في حي باكجيلار في اسطنبول، تحت شعار "لن تستطيعوا حجب شمسنا". هذه الأشكال من الفعاليات والعمليات أظهرت ما يعنيه القائد أوجلان بالنسبة للمجتمع.
الكريلا شارستان
نزاهت باراجي (شارستان) ولدت في ناحية جزير التابعة لشرنخ، وانضمت إلى صفوف الكريلا في عام 1991. أشعلت شارستان النار في جسدها في 20 آذار 1999 في بوطان.
إليفتريا فورتولاكي
انضمت إليفثريا فورتولاكي، وهي امرأة شابة وأم لطفلين، وهي في الأصل من العاصمة اليونانية أثينا، وتلقب بـ "عروس كردستان"، إلى قافلة نشطاء "لن تستطيعوا حجب شمسنا" احتجاجاً على القمع الذي تعرض له القائد أوجلان.
سربيل بولات
العضوة الفخرية في جمعية الدعاية المسلحة الماركسية اللينينية (MLSPB) سربيل بولات، التي كانت معتقلة في سجن سكاريا، قدمت جواباً ثورياً على المؤامرة الإمبريالية الدولية ضد القائد عبد الله أوجلان.
كتبت سربيل بولات في رسالتها: "أدين الهجمات الإمبريالية على القائد الثوري عبد الله أوجلان، وبشكل خاص على الشعب الكردي، وأصرّ على أن أوجلان لن يحاكم، وأنني أعبّر عن غضبي على العدو بنار جسدي".
فيان صوران
فيان صوران (ليلى ولي حسن) أصبحت رمزاً لفعاليات "لن تستطيعوا حجب شمسنا"، أضرمت النار في جسدها في حفتانين في شهر شباط من عام 2006. وكتبت في رسالتها: "يمكنكم أن تنتقدوني وتعاتبوني على سبب تنفيذي لمثل هذه العملية، أو ربما لن يقبل القائد آبو مثل هذه العملية.. في كل ليلة من ليالي 15 شباط سوف ينبض قلبي مع قلوب الآلاف من رفاقي الشهداء من أمثال مظلوم دوغان وبيريفان ووروناهي ورهشان وسما وفكري بايكلدي وسرداد.
آينور ياشلي
أينور ياشلي كانت من بين الذين أضرموا النار في جسدهم في أنطاليا عام 2006.
لأن الشعب الكردستاني التفّ حول القائد عبد الله أوجلان، وحاولوا فكّ العزلة المفروضة عليه، فإن الأخبار التي كانت تصل من سجن إمرالي أثارت غضب الأهالي. وتواردت الأنباء حول محاولة تسميم القائد أوجلان. ولذلك تم استئناف فعالية "لن تستطيعوا حجب شمسنا" من جديد.
(ك)
ANHA