بعد توليه مجددا.. هل يكتب أردوغان نهاية جماعات "الإسلام السياسي" في تركيا؟

بعد تولي أردوغان رئاسة البلاد مجدداً، وما سبقها من تقدم جهوده للتوفيق بين علاقاته في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يبدو أنه مصمم على إقناع خصومه السابقين بأن طرقه القتالية أصبحت من الماضي، مع وجود أجندة تطبيع في العمل مع مصر والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن تحوّل مفاجئ في علاقته مع الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.

بعد توليه مجددا.. هل يكتب أردوغان نهاية جماعات "الإسلام السياسي" في تركيا؟
الثلاثاء 6 حزيران, 2023   03:14
بيروت – زياد أبو غزالة

أربع دول يطبع أردوغان علاقاته معها، وهي المعروفة بعداوتها للحركات الإسلامية وعلى رأسها "الإخوان المسلمين"، فما مصير هذه الحركات، وكيف سيتعامل أردوغان معها؟ وهل هذا يعني أن أردوغان سيطوي صفحته مع "الإخوان المسلمين"؟

لكن قبل الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، نشر القيادي المصري في "الإخوان"، وجدي غنيم، خبر رفض السلطات التركية منحه الجنسية التركية وكذلك الإقامة، ورغبته في البحث عن دولة جديدة تؤويه، فيما رفضت أنقرة أيضاً منح الجنسية للعشرات من عناصر "الجماعة"، كما تدرس إعادة النظر في قانونية من حصلوا سابقاً على الجنسية بعد معلومات عن وجود تزوير وتلاعب في الأوراق المقدمة. فهل نحن أمام سياسة جديدة سيتبعها أردوغان في السنوات الخمس القادمة؟

الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، قال إن "أردوغان استضاف الإخوان في تركيا وأعطاهم الجنسية، فضلاً عن الإقامات التي منحها لقطاعات كبيرة لمن ينتمون للجماعة، وهذا يدل على أن تركيا احتضنت وما زالت - وبتقديري سوف تظل - محتضنة لكل حركات الإسلام السياسي بالعموم والإخوان على وجه الخصوص".

وأكد أديب لوكالتنا أن "أردوغان سيبقى على استثماره في وجود هذه الجماعات واحتضانها في تركيا، على الرغم من أن سياسته تغيّرت، ولديه رؤية تبدو مختلفة في السنوات الخمس القادمة".

وفيما يخص التطورات الأخيرة من رفض السلطات التركية منح الجنسية لعدد من القيادات الإخوانية، يقول أديب: "صحيح أن تركيا رفضت منح الداعية المصري الإخواني وجدي غنيم الجنسية التركية وكذلك الإقامة، على الرغم من أنه تقدم للحصول عليها قبل تسع سنوات، ولكن هذا ممكن أن يفهم في سياق آخر، وهو أن غنيم كفّر الأقباط وضباط الشرطة والقيادة السياسة في مصر، فضلاً عن المختلفين معه في العقيدة والآراء السياسية، وبالتالي حصوله على الجنسية التركية، سيحرج أنقرة أمام العالم، ولذلك تمنعت في إعطائه الجنسية، لكنها في الوقت ذاته، أعطت الإقامة لأشخاص آخرين محسوبين على تيارات أكثر عنفاً وميليشيات مسلحة داخل الإخوان المسلمين مثل حركة حسم ولواء الثورة وقادة وأمراء وأعضاء هاتين الحركتين الذين يقيمون داخل الأراضي التركية، فضلاً عن إقامة المئات من الإخوان في تركيا".

ويتابع أديب "كان يقيم في تركيا جبهتان مناوئتان ومتصارعتان، ويقودهما القائم بأعمال مرشد الإخوان، محمود حسين، وعلى الرغم من ذلك فوجئنا أنه عندما تولى القائم بأعمال مرشد الإخوان الملقب بـ "صلاح عبد الحق" خلفاً لسلفه إبراهيم منير الذي كان يقيم في تركيا، أقام هو الآخر في اسطنبول، وبالتالي باتت اسطنبول هي الحاضنة لكل التيارات المتطرفة، و"الإخوان" على وجه الخصوص، بل قيادة الجبهتين المتناحرتين داخل الجماعة، "جبهة محمود حسين" و"جبهة صلاح عبد الحق"، وهذا إن دل، يدل على أن تركيا كانت وما زالت الداعم الأساس لجماعة "الإخوان المسلمين".

وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي أن "أردوغان هو داعم لكثير من المليشيات المتطرفة، لذلك يراهن أنه في حال عدم وجود دعم كامل في السنوات الخمس القادمة، سيستخدم هذه التنظيمات من أجل تحقيق أهدافه أو مصالحه السياسية أو مصالح دولته في ظل الفترة القادمة".

هذا الاستخدام أو اللعب على هذا الوَتر يؤكد أديب "أنه من أبرز صفات أردوغان، لذلك هو يقيم علاقات مع دول عربية وبالوقت نفسه يدعم هذه المليشيات المسلحة، وأقصد داعش والنصرة".

"أما هذه المليشيات المسلحة، تنظر إلى وجود أردوغان على أنه حصانة حقيقية لوجودها، ما زالت تدعمه وما زالت ترى أن تركيا داعم أساسي ورئيسي لهذه التنظيمات، سواء "الإخوان" أو غيرها"، لذلك ستبقى هذه النظرة متبادلة بين نظام أردوغان الذي يرى أهمية وجود هذه التنظيمات، وبين هذه المليشيات التي ترى وجود أردوغان يمثل حصانة قوية، وبالتالي أعلنت فرحتها، وأطلقت النيران ابتهاجاً بفوز أردوغان في الانتخابات الأخيرة" يختم منير أديب كلامه.

وكان أردوغان تبنى بعد بدء ما يسمى "الربيع العربي" في العام 2011، الجماعات الإسلامية السياسية المرتبطة بالإخوان كوسيلة لتعزيز دور تركيا كقائد في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع. وهو ما أثار غضب زعماء الخليج في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الذين ينظرون إلى جماعة "الإخوان" على أنها تهديد لاستقرارهم. وساهم ذلك في اندلاع حرب باردة صغيرة بين تركيا وقطر من جهة، والسعودية والإمارات ومصر بعد الإطاحة بمرسي على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي من جهة أخرى.

لكن الشرق الأوسط قد تغيّر بشكل كبير، ويبدو أردوغان أقل روعة مما كان عليه قبل عقد من الزمان، إن احتضانه للإخوان جاء في وقت كان أقوى في الداخل في وضعه السياسي، مما سمح له بممارسة دعم الإخوان بشكل أكثر فعالية في المنطقة.

ولكن اليوم يعاني أردوغان من تراجع معدلات الموافقة والاقتصاد التركي الذي يعاني من ارتفاع معدلات التضخم والبطالة المرتفعة والليرة التركية المتناقصة. ومع موقفه السياسي غير الآمن، اضطر أردوغان إلى البحث عن طرق للخروج من عزلته الجيوسياسية، وشمل ذلك إجراء تعديلات مع قوى معادية لاحتضانه لجماعة "الإخوان المسلمين".

(ي ح)

ANHA