المغنّي أبو فاضل.. صوتٌ من الماضي
يحافظ على ثقافة شعبه بصوته ويدافع عن أرض وطنه بسلاحه، ويصف الواقع في أغانيه ومنها أغنية: "لقد وقعت في شنكالتي الجميلة، لقد هاجم هؤلاء الرجعيون والخونة شنكال مجدّداً، وقتلوا الكبار والصغار، الشيوخ والرضّع.. آي كردو".

بدأ عبد المناف حسين عثمان أو كما يُعرف بين الناس؛ المغنّي أبو فاضل، والذي يعيش في قرية أم الفرسان الواقعة شمال قامشلو، الغناء منذ أن كان ابن 12 ربيعاً.
وقد أصبح مثله مثل العديد من المغنّين الكردستانيين جسراً يربط بين أحداث وحكايا وتجارب وحياة مجتمعه في الماضي واليوم الحاضر. وقد رافق المغنّين الراحلين؛ عفدلو (أبو حسن)، رمضانو، سلو كورو، بشيرو، أمينو وديمير علي وغنّى معهم في التجمعات.
أثناء بحثنا في الأعمال الفنيّة، استمعنا عبر الراديو إلى أغنية بصوت أبو فاضل ولفتت انتباهنا، لذا أردنا معرفة تجربته الغنائيّة من جهة والاستماع إلى أغانيه بشكلٍ مباشر والقيام برحلة عبر صفحات الغناء من خلاله من جهة أخرى.
رحّب بنا في منزله الواقع في قرية أم الفرسان بسرور، وهناك في باحة المنزل، بنا فرن التنور الذي يُعدّ جزءاً من الثقافة الكرديّة، والعريشة المزيّنة بالدالية (الكرمة، شجرة العنب) والدجاجة التي تتجمّع صيصانها حولها في رحلةٍ إلى الماضي. ومن داخل هذه اللوحة الخلابة، نقّلتنا أغنيات أبو فاضل بين التجمّعات التي كانت يحييها المغنّون قديماً.
أخذنا نتبادل الأحاديث مع أبو فاضل في باحة المنزل، وعرفنا أنّه يبلغ من العمر 60 عاماً ويغنّي منذ أن كان ابن 12 ربيعاً، كما أنّه كان يروي حكايا وأساطير وملاحم الكرد، أي أنّه أمضى 45 عاماً من حياته في نقل جزءٍ من الثقافة الكرديّة والحفاظ عليها، هذا واستمع إلى العديد من المغنين في طفولته ورافق العديد منهم إلى التجمّعات وشاركهم الغناء.
وتنقّل مع رفاقه عازفي الطنبور بين العديد من المدن والمناطق في إقليم الجزيرة منها ديرك، تربه سبيه، قامشلو وعامودا، وغنّى وروى الحكايا في التجمّعات هناك.
بالإضافة إلى الغناء، عمل أبو فاضل أيضاً في الزراعة والري والعِتالة، لكسب قوت يومه وإعالة أسرته. وقد ألهمته زياراته إلى القرى المختلفة وتجوّله فيها وأعماله في أغانيه، إذ قام بتسجيل الأغاني وإصدارها على شكل كاسيت (شريط) بالتعاون مع زملائه.
ويقول أبو فاضل: "لقد تجوّلت مع زملائي عازفي الطنبور في العديد من القرى والبلدات والمدن لعقد جلسات غنائيّة، فلم تكن هناك أجهزة تلفزيون وكان الناس يهتمّون بنا جدّاً، ثمّ بعدها قمنا بتسجيل الأغاني في أشرطة ورويت الحكايا القديمة كملحمة درويش عفدي".
أغنية شنكال
لم تقتصر أغنيات أبو فاضل على وصف الأحداث التاريخيّة فقط، بل تطرّق في أغنياته إلى الأحداث والمعاناة والمقاومات الحاليّة أيضاً، إذ تأثّر كثيراً بمجزرة شنكال ومقاومتها، وقد عبّر عن تأثّره هذا من خلال تأليفه لأغنيةٍ عنها، ونحن نعرض لكم هنا جزءاً من كلمات الأغنية:
"لقد وقعت في شنكالتي الجميلة
لقد اجتمع هؤلاء الرجعيون والخونة مجدّداً
وهاجموا شنكالتي الجميلة
وقتلوا الكبار والصغار، الشيوخ والرضّع.. آي كردو".
طبّق الأغنية على أرض الواقع
تمكّن المغنّون حسب ظروفهم، من التعبير عن أوجاع مجتمعهم وآلامه والمناشدة والاستنجاد، وحافظوا بهذه الطريقة على التاريخ والثقافة أيضاً، ويواصل أبو فاضل هذا التقاليد، لكنّه بدأ باتّخاذ خطوةً أخرى مع ثورة 19 تموز، فلم يكتفِ بالغناء، والتحق بصفوف قوى الأمن الداخلي في عام 2014، وهو لا يعمل في المؤسسات الفنيّة لكنّه يواصل الغناء بين رفاقه.
(ر)
ANHA